كلمة السيد الأستاذ وزير الصحة في احتفالية اليوم العالمي لمكافحة التبغ 29 مايو 2011 بمعهد ناصر

 

كلمة السيد الأستاذ وزير الصحة في احتفالية اليوم العالمي لمكافحة التبغ

29 مايو 2011 بمعهد ناصر

بداية يسعدني أن أتوجه بالشكر و التقدير للسيدات والسادة الحضور ، و اسمحوا لي أن أعرب عن سعادتي وتقديري لجهودكم الرائدة في دعم المجهودات و الإنجازات التي حققتها وزارة الصحة في مجال مكافحة التدخين في مصر ، والتي نأمل أن تستمر وتتطور حتى نتمكن من تحقيق هدفنا في إعلان مدن مصر خالية من التبغ .

 

السيدات و السادة ..لا يخفى عليكم أننا نمر بمرحلة فاصلة في تاريخ مصر ، ونحن اليوم نساهم في كتابة هذا التاريخ بكل جهد و فكر قد يساهم في الحفاظ على هذا الوطن العظيم و دعم تنميته ، ولأننا جميعا جنود هذا الوطن فإن كل موكل بقضية يرعاها ويبذل أقصى ما في وسعه من جهد لأداء مهمته على أكمل وجه ممكن ، ونحن اليوم نواجه قضية هامة ومؤثرة على صحة المواطن المصري ألا وهي قضية التدخين التي تحولت إلى أزمة حقيقية لابد من مواجهتها لتفاقمها و لفداحة تأثيرها على الثروة البشرية للوطن ، لأنه من المؤسف أن تحتل مصر المركز العاشر في معدلات استهلاك التبغ على مستوى العالم ،وهو ما تترجمه الأرقام و نتائج الأبحاث إلى أن 20% من البالغين فوق سن 18سنة يدخنون نوعا من أنواع التبغ، بينما يتعرض 70%- 80% من المواطنين للتدخين السلبي في أماكن العمل ووسائل النقل و المواصلات وذلك وفقا لنتائج المسح العالمي لاستهلاك التبغ بين البالغين في مصر ، كما أظهر المسح العالمي لتعاطي التبغ للشباب (من 13-15 عام) لعام 2005 انتشار تعاطي التبغ بنسبة 16% و6,7% بين الطلاب الذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم ، وهو ما يؤكد خطورة الأمر ، خاصة إذا علمنا أن عدد الوفيات بسبب التدخين في مصر بما يقرب من 170,000 حالة وفاة في عام 2004 على سبيل المثال وما يثبت أن نصف المدخنين المنتظمين تقريباً سوف يموتون مبكرا نتيجة إدمانهم التدخين ويتسبب السرطان الناجم عن التدخين في ثلث هذه الوفيات تقريبا وتمثل كل من أمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي ما يضاهى 30% من الأمراض المترتبة عن التدخين .

 

السيدات و السادة الحضور ..ماذا بعد هذه الأرقام و النتائج؟ كيف نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه القضية ،مع إيماننا بقدرة هذا الشعب العظيم على التنمية و البناء ، لقد آثرت مناقشة هذا الأمر بينكم كعاملين في المجال الطبي وحاملين لأمانة الحفاظ على صحة و أرواح المواطنين ، مخاطبا فيكم إنسانية الطبيب ورقي رسالته فضلا عن دوره الصحي و العلمي ..فأنتم لمرضاكم قدوة يحتذى بها ، ومرضاكم يضعون آلامهم بين أيديكم لعلاجها وتخفيفها ثقةً منهم في علمكم و خبراتكم ، ولذلك فإن رسالتي اليوم للسادة الأطباء و جميع العاملين في المجال الطبي هي ضرورة توعية المرضى من خطورة التدخين وحثهم على التمسك بحقهم في استنشاق هواء صحي ونقي ورفض جميع صور التدخين حفاظا على صحتهم و صحة أسرهم .

 

ونحن بدورنا في وزارة الصحة نتعهد بالإلتزام في المضي قدما في مكافحة التبغ في مصر بكافة السبل المتاحة ، فنحن مازلنا متمسكون بتطبيق سياسات مكافحة التدخين في مصر ، وهدفنا في هذه المرحلة حماية الأطفال و النساء و الشباب و الرجال من مختلف الأعمار و الفئات ، وليس هدفنا من ذلك التضييق على المدخنين بقدر ما هي حماية لهم من أخطار التدخين ووقاية لكل من يتعرض لأضرار التدخين السلبي ، حيث تتكلف الدولة ثلاثة مليارات جنيه سنوياً لعلاج الأمراض الناجمة عن التدخين، بل إن الأهم من ذلك هو فقد مصر لعشرات الآلاف من الأرواح سنويا بسبب التدخين ، وهو ما يدفعنا إلى العمل الجاد لمواجهة تلك القضية بضراوة من خلال سياسات مكافحة التدخين ، وهو أيضا ما يفرض هذه القضية في دائرة أولوياتنا ويجعلها بمثابة إلتزاماً وطنياً على الجميع المشاركة في أداءه لحماية بلدنا الحبيب من أخطار التدخين التي تسبب عائقاً رئيسياً أمام خطط التنمية والتقدم لما يترتب على التدخين من خسارة فادحة في الموارد البشرية و ثروات الدولة .

 

ولعل ما سبق يعد حجة قوية في أسباب إلتزام مصر بتطبيق سياسات مكافحة التدخين في مصر من :

 

  • رصد إستهلاك التبغ
  • الحماية من دخان التبغ
  • حظر الإعلان أو الترويج لمنتجات التبغ
  • تقديم المساعدة للإقلاع عن التدخين
  • التحذير من مخاطر التبغ
  • رفع الضرائب على منتجات التبغ

 

ولذلك فنحن نثق في وعي و إدراك الشعب المصري لخطورة القضية و نثق أيضاً في صدق المخلصين في تعاونهم معنا لدعم هذه المجهودات ، وهو ما يدفعنا للتأكيد على إلتزام مصر بعد زراعة التبغ داخل حدودها ، حيث يروج البعض إلى ضرورة زراعة أوراق التبغ حلا للأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد مؤخرا ، ولقد هالتني هذه الدعاوى الباطلة ، لأن مصر على مدار التاريخ هي بلد الذهب الأبيض وسلة القمح ، فلا يمكن أبدا بعد أن كنا دولة منتجة للخيرات أن نصبح دولة منتجة للمضرات التي تدمر في ضلع رئيس في كيان الدولة و هو صحة المواطنين ، فضلا عن أن محاولة التأثير على البسطاء بهذه الأفكار وكأنها الحل الناجح لتجاوز الأزمات المالية و هو ما ينفيه تماما خبراء الإقتصاد و الزراعة في مصر، لذلك فنحن على ثقة في قدرة المخلصين لهذا الوطن على البناء و التوعية و التقدم لنرسم صورة أفضل لمصر في السنوات القادمة بإذن الله.

 

السيدات و السادة الحضور الكرام .. نضع رسالتنا أمانة بين أيديكم ..فنحن نواجه خطرا حقيقيا يستدعي تضافر جميع الجهود لمواجهته ، لذلك نحن نأمل في تعاونكم معنا في المرحلة القادمة بجميع الوسائل والإمكانات المتاحة لبناء مستقبل مصر ولحماية مواطنينا من أخطار آفة التدخين .